يُقدّر أحمد إبسيس أن حضور جنازة واحدة يومياً بدءاً من 1 يناير 2025 سيستغرق حتى عام 3887 لإحياء ذكرى كل حياة فقدت في غزة. هذا الرقم لا يعكس آلاف الطرق التي تم بها تمزيق الأجساد وحرقها وتحطيمها، بعيداً عن أي معنى للسلام أو الإنسانية. ومع ذلك، شهد العالم قادة يجتمعون في مصر في قمة "السلام 2025"، مع غياب تام للفلسطينيين، في الوقت الذي منعت فيه السلطات الفلسطينية من المشاركة.
يشير المقال إلى أن "السلام" انهار سريعاً مع استمرار إسرائيل في انتهاك وقف إطلاق النار عبر القصف المستمر. يكشف إبسيس أن إسرائيل استخدمت مزاعم كاذبة، مثل زعمها قتل 40 طفلاً مقطوع الرأس، لتبرير عمليات الإبادة. في الشهر الأول، انتهكت إسرائيل الاتفاقية أكثر من 100 مرة، مع مقتل 200 شخص على الأقل، وعرقلة وصول الغذاء والوقود، ومنع إعادة الإعمار، واستمرار تدمير منازل المدنيين في غزة. يذكر الكاتب مقتل محمد الحلاق، 10 سنوات، على يد القوات الإسرائيلية في الخليل في 17 أكتوبر 2025، ثم شنّ 20 غارة جوية على غزة في 19 أكتوبر، ووصفت إسرائيل هذه الأعمال بأنها "حفاظ على وقف إطلاق النار".
يوضح المقال أن النمط يتكرر: تضبط إسرائيل مستوى العنف كيف تشاء، وتسيطر على غزة والضفة الغربية، ثم تصف أي هدنة بأنها سخاء منها. تنتهك الهدنة مباشرة، وتقتل الفلسطينيين الذين يجرؤون على الوجود في أرضهم، ثم تنتظر أي رد دفاعي، أي حجر يُلقى أو صاروخ يُطلق، لتبرير هجومها المخطط مسبقاً. استخدمت إسرائيل نفس الأسلوب بعد انتهاكها لوقف إطلاق النار في مارس 2025 خلال رمضان. يصف الكاتب هذا النهج بأنه إبادة مستمرة، تتراوح بين الذبح الفعّال والخنق البطيء، مؤكداً أن الاحتلال الإسرائيلي والتوسع الاستعماري منذ 1967 لم يُحاسب عليه المجتمع الدولي، ما يضمن استمرار الانتهاكات.
يسرد إبسيس تاريخ انتهاكات إسرائيل: بعد اتفاقية 1949، بدأت القوات الإسرائيلية بمهاجمة المدنيين في المناطق منزوعة السلاح. في 1967، شنت إسرائيل هجوماً مفاجئاً على مصر وسوريا رغم عدم تهديد مصر. بين 1981 و1982، خالف وزير الدفاع أرييل شارون وقف إطلاق النار في لبنان مع منظمة التحرير الفلسطينية، مسبباً مجازر صبرا وشاتيلا، لتحفيز رد يبرر غزو مخطط له.
يستعرض الكاتب أمثلة لاحقة، منها اغتيال إسرائيل لمسؤول رفيع في حماس عام 2001 خلال هدنة ستة أسابيع، ثم التفجير الانتقامي في القدس، وانتهاك الهدنة في 2008 أثناء عملية الرصاص المصبوب، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 فلسطيني، معظمهم من المدنيين. يؤكد إبسيس أن الأسلوب لم يتغير: انتهاك الهدنة، انتظار الرد، ادعاء كونهم ضحايا، ثم شن الهجوم المخطط مسبقاً.
يوضح المقال أن الضفة الغربية شهدت استمرار الاحتلال رغم استسلام الفلسطينيين بعد اتفاقيات أوسلو، مع المزيد من المستوطنات، ونقاط التفتيش، وقتل الأطفال، وحرق الأراضي، وهدم المنازل. يضيف إبسيس أن نصف الأطفال الفلسطينيين القتلى في الضفة منذ 2005 قُتلوا خلال العامين الأخيرين، مع مصادرة إسرائيل 24,258 دونم من الأراضي الفلسطينية في 2024، وإنشاء 59 مستوطنة جديدة، وهدم 215 منزلاً في القدس الشرقية، والموافقة على أكبر توسع استيطاني منذ أوسلو.
يشير الكاتب إلى أن إسرائيل لا تدمر الناس فحسب، بل وسائل البقاء: محطات معالجة المياه، الحقول الزراعية، المستشفيات، الجامعات. منذ 1967، اقتُلعت أكثر من 800,000 شجرة زيتون فلسطينية بشكل غير قانوني، ليس لوجود حماس، بل لأن وجود الفلسطينيين ذاته يُعتبر تهديداً. ويقارن إبسيس هذا الأسلوب بتاريخ الإبادة الأمريكية للأمريكيين الأصليين، التي اعتمدت على تدمير مصادر الحياة بدل القتل المباشر لكل فرد.
يشير المقال إلى تصريحات مسؤولي إسرائيل، مثل وزير المالية بتسليل سموتريتش الذي صرح بأن الفلسطينيين سيغادرون إلى دول ثالثة، ووزير التراث أميخاي إلياهو الذي أعلن: "ستصبح كل غزة يهودية". يُبرز الكاتب أن العالم يتظاهر بالدهشة مع كل انتهاك، كل اتفاق مكسور، وكل طفل يُقتل.
يخلص إبسيس إلى أن "مسار السلام" تحول إلى عملية تقطيع، تُسرق فيها الأرض الفلسطينية قطعة قطعة، حتى يبقى للفلسطينيين فقط ما يُسمى بالاحتياطيات. ويرى أن السلام لا يمكن أن يتحقق طالما ظل الفلسطينيون يعانون الاحتلال والعنصرية، وأن السلام الحقيقي يقتضي المساواة الكاملة من النهر إلى البحر، أي الاعتراف بحقوق الفلسطينيين تماماً كما تُعترف بحقوق الآخرين.
https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/nov/08/where-is-gaza-peace-process-going

